الوظيفة الطبية للزاوية : زاوية سيدي بوزيان بولاية غيليزان نموذجا

Abstract

إن الفكرة الموجهة لمسار هذا العمل هي الكشف عن ممارسات خفية موجودة على مستوى الوسط الريفي والتي من شأنها أن تؤسس معالم جديدة ضمن ممارسة علمية لمعارف منتجة. فالوظيفة الطبية للزاوية موضوع دراسة يبنى على ضوء التأويل والتفسير ،الدلالات الرمزية والمعاني التي يؤسسها المريض ويجسدها في هذا الفضاء )الديني بالدرجة الأولى(. إن التطور الذي حققته الأنثربولوجية اليوم بوصولها إلى حقل المعرفة و المنهجية التي تقترحها على مستوى المقاربة )الميدانية التأويلية (، يجعلها مؤهلة لتأدية هذه المهمة : الكشف عن هذه المعارف المستترة وجعلها علنية ،تظهر لتدون و تصان و هكذا يتم تسجيلها و نقلها أو انتقالها حتى نساهم في العملية التراكمية للأعمال والتحقيقات الميدانية التي تميز النشاط العلمي. و بهذه الكيفية نكون قد حققنا هدفين اثنين ،أولهما علمي و هو في إثبات قدرة الأنثربولوجية على التعرض للمعارف الضمنية غير المدونة ، و ثانيهما في المساهمة في وضع معارف حقيقية تحت أنظار و تصرف المواطنين. لاحظنا أن المريض يجد في الزاوية كمؤسسة دينية الفضاء الأنسب لتجسيد المعاني التي يعطيها لمرضه، فبركة الشيخ، حكمته، إلهية المرض وفكرة المكتوب والقدر... تظهر كمرجعية يبني عليها المريض معارفه ويحدد على ضوئها أشكال العلاج. بمقدور الأنثربولوجية اليوم أن تشارك في تنمية مجتمعنا ( بعد أن كانت رهينة الاستعمار الذي خدمته لفترة مطولة) ،و هذا بتسخير الوسائل و الإمكانيات التي تتيح العملية التراكمية للمعارف و التحقيقات الميدانية. وعليه لن يصبح بمقدور المجتمع أن يشارك في التنمية و يأخذ على عاتقة حركة التغيير الضرورية إلا إذا عرف نفسه أكثر و أدرك ماهية المعارف التي يزخر بها،معارف هي بحاجة الى الانتقال من الوجود الضمني الذي لا ينقطع إلى الوجود الصريح .و لا يرى للأنثربولوجيين الجزائريين اليوم مهمة أفضل من مهمة الاضطلاع بهذا الانتقال الذي هو بمثابة إحياء معارف نائمة، و هذه هي الأهمية الكبرى التي تكتسيها أنثربولوجية المعرفة في بلادنا. إن إطار البحث هذا يدفعنا إلى التسليم بفكرة "ربح الوقت" واستغلال هذه المعارف على المستوى المحلي . حتى يسجل نفسه ضمن عادات وتقاليد "ولد الدوار" كثقافة ،ينتج الريفي روابط، يؤمن بمعتقدات يعبر عنها بتصورات و تأويلات ، يدعمها بإنتاج معارف و مهارات تضبطها قواعد وسلوكات تتوافق مع نمط معيشته . فيتواجد المريض بالنسبة إلى تنشئته الاجتماعية،المعنى الذي يعطيه لألمه )ارتباطي الوثيق با) يعطيني القوة(، يقاوم التحولات التي تفرزها عملية "تحديث" المجتمع الجزائري )متاجرة عائلة الشعايبية في بيع وصفة العقدة كوسيلة للحفاظ على بقائها(،يوفق بين ارثه المحلي الذي لا يتعدى حدود الدوار و ما يستهلكه من مكتسبات أثناء تردده على المدينة.